شكرا اخي المستشار المغترب
قصة الإنسان مع المال عجيبة، فهو يريده وسيلة لسعادته ويسعى إليه على هذا الأساس ولكنه لا يكاد يملأ يديه منه حتى ينسى الأساس الذي انطلق منه وينسى أنه يريده وسيلة فيصبح المال لديه غاية.. يركض له بالليل والنهار وربما بالحلال والحرام وربما لا يفيق من ركضه حتى يسقط بالسكتة القلبية ولا تقف قدماه عن الركض إلا لتعثر بالقبر..
إن المال من وسائل السعادة بلا جدال، فالفقر كالح كريه قد تعوذ منه الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم وقرنه بالكفر، ولكن المشكلة مع المال تتجسد حين يستعبد الإنسان فيشقى في سبيل طلبه ويشقى خوفاً عليه وكأنه العاشق الذي تسخن عينه إذا فارق أحبابه شوقاً إليهم، وتسخن عينه إذا اجتمع بهم خوف الفراق، وللمال أكثر من عشاق له عُبَّاد يهيمون به ويتيهون في أوديته وصدق المصطفى عليه أفضل الصلاة والسلام حين قال: (تَعِس عبدالدرهم، تَعِس عبد الدينار).
وصدق صلى الله عليه وسلم حين قال:
"لو كان لابن آدم واديان من ذهب لابتغى لهما ثالثاً، ولا يملأ جوف ابن آدم إلا التراب، ويتوب الله على مَنء تاب".
إن المال خضرٌ حلو إذا أخذ من حله وإذا أنفق في حقه كما ورد في الحديث الشريف، فنعم المال الصالح للعبد الصالح، المال عند العقلاء وكرماء النفوس وسيلة لحفظ الكرامة وتحسين مستوى الحياة وعمل الخير، وليس غاية تشخص لها الأبصار ويُستَعءبَدُ بها الإنسان فيظل همه كنز المال والركض وراء المزيد بالحق والباطل والحلال والحرام حتى يسقط في حفرة السكتة القلبية وقد ترك ماله لزوج زوجته القادم أو أزواج بناته وزوجات أبنائه..
ويبقي المال وسيلة ووقاية من الحاجة للناس
ودمت بخير