عندما كان الشيخ راكان بن حثلين في السجن قامت حرب طاحنه بين الأتراك ودولة الأساقفة وهي دولة المسقوف من العجم ، وكانت الغلبة في الحرب للأساقفة على الأتراك وكان من بينهم فارس وهو عبد أسوديمتطي حصانا أسود ، وكان بين الطرفين حفرة كبيرة جدا تفصل بينهما بحيث لا تستطيع الخيل الوصول إلى الجهة الأخرى المقابلة ، ولم يستطع اجتياز تلك الحفرة الكبيرة إلا ذلك الفارس الأسود وحصانه الأسود ، وعندما رآه فرسان الأتراك ولوا الأدبار خوفا منه وهو ما زال يلاحقهم ويقتل منهم ما استطاع قتله ، وكان الشيخ راكان بن حثلين يشاهد المعارك بين الطرفين في كل يوم وهو في سجنه حيث كان يصعد إلى السطح العالي للسجن مع السجان ويشاهد من هناك كل ما يجري ، فطالت الحرب على الأتراك وذاقوا الويل وأيقنوا أنهم إلى هلاك واستيلاء القوات الغازية عليهم ،فتشاوروا فيما بينهم على أن يستسلموا لدولة الأساقفة حتى يحقنوا دمائهم من ضراوة القتال ، وأثناء ذلك طلب الشيخ راكان بن حثلين من السجان أثناء مشاهدته لما يجري أن يرسل إلى الباشا التركي ليطلب أن يطلق سراه للمبارزة مع الفارس الأسود ، ولكن الباشا التركي رفض طلبه لعدم ثقته بالتغلب على ذلك الفارس الأسود وبعد إلحاح من قبل الشيخ راكان بن حثلين طلبه الوالي وقال له : هل أنت جاد وصادق في طلب المبارزة ؟ وهل باستطاعتك الفوز على ذلك الفارس الأسود ؟ الذي عجز عنه صناديد أبطالنا ، وأنت رجل نحيف الجسم قصير القامة ، فأجابه الشيخ راكان بن حثلين إجابة الواثق وقال : لا تنظر إلى قصر قامتي أو نحافة جسمي بل لب لي طلبي بالمبارزة ، فوافق الباشا التركي على طلبه ، وقال له : اطلب ما تريد ، فقال الشيخ راكان بن حثلين : أريد أن تسمح لي بان اختار الفرس التي تعجبني من الخيل وكذلك ما يعجبني من السلاح من سيف ورمح (حيث كانت تلك أسلحتهم قديما ) ، فقال له الباشا التركي : لك ما شئت ، وذهب الشيخ راكان بن حثلين إلى مربط الخيل وصاح ثلاث مرات ونضر فيهن وذهب وتم على ذلك الحال يومين حتى عرف ما يريد وهدف على فرس زرقاء قوية الجسم ، فأخذ فرسا قوية ودربها على طريقته الخاصة حتى انه اخذ يدربها على القفز فوق الحفر الكبيرة والصغيرة فاكمل تدريبها وتأديبها بعدة أيام ، وبعد ذلك لبس عدة الحرب وصال وجال وبرز في الميدان في مقدمة الجيش التركي فلما وصل إلى ميدان الحرب برز الفارس الأسود كعادته بعد أن قفز بحصانه الحفرة الكبيرة التي تفصل بين الأتراك والأساقفة ، وبعد ذلك برز له الشيخ راكان بن حثلين على فرسه التي دربها وبدأ النزال بنيهما في ساحة المعركة ، واستغرب الفارس الأسود ذلك الخيال الذي لم يره في صفوف الأتراك سابقا ، فدارت بينهم المعركة ولمس فيه فنون القتال وعرف حركته وذكائه وشجاعته ، وحين أيقن الفارس الأسود انه لن يستطيع الفوز على هذا الخيال ، لاذ بالفرار من أمام الشيخ راكان بن حثلين وتوجه إلى الحفرة الكبيرة ليعود إلى الطرف الأخر معتقدا أن الفارس المجهول لن يستطيع أن يلحق به ، ولكن هيهات فعندما تجاوز الفارس الأسود الحفرة قفز خلفه الشيخ راكان بفرسه وإذا هو بجانبه فاختطفه من على سرج حصانه ورفعه على حارك فرسه وقفز به الحفرة عائدا تعليق الغجرية : والله سينمات هوليوود ما تعرف تسوي هالحركات ، ودقت طبول الأتراك وتهللت بالنصر وهزمت جيش الدولة المسقوفية شر هزيمة بعد أن دب في الأتراك الحماس بهزيمة الفارس الأسود ، ويعود الفضل بالنصر للشيخ راكان بن حثلين ، وبعد ذلك ذهب الشيخ راكان وسلم الأسير إلى الوالي التركي ، ثم قال له الوالي : أنت فعلت فعلا لم يفعله أحد سواك وانتصرنا بفضل الله وبفضلك وإنما الإحسان يجزى بالإحسان فاطلب ما شئت فأننا سوف نعطيك ما تطلب ، فقال له الشيخ راكان : إذا لبيت لي طلبي فإنني اطلب منك الدهناء والصمان وقبيلتي العجمان ، فأستدعى الوالي الذين لهم خبرة في المناطق وهو يقتد أن الدهناء والصمان من عواصم الديار ، فاخبروه بان الدهناء ارض رملية كثيرة الأشجار وهي مرعى لمواشي البادية والصمان ارض صخرية مرتع للمواشي في وقت الربيع ، ولما عرف ذلك ، قال له: أعطيناك ما طلبت مع ما سنعطيك من الهدايا والأموال ، فأطلقوا سراحه وعادوا به عن طريق البحر حتى الجزيرة العربية ثم اشترى له ذلول (جمل ) ووضع عليها عتاده وتوجه إلى أهله قبيلة العجمان ، وقد قال هذه القصيدة حين برز للفارس الأسود في ميدان المعركة
يبو هــــلا ليتـــك تــــشوف =حـــطــونــي الــعسـكر نـظـام
يقــودنــي قـــود الـــخــروف= الــعســكري ولــد الــحــرام
وانصفني الله بدولة المسقوف= من فــعلهــم راحــو نـــعــام
استرهق الباشه بكل الخوف= طير المذله فوق راسه حام
طلبت منه يـعـمـل الـمعـرف= يطلق صراحي بأول الاروام
من فوق زرقى كنها الشاحوف= خيالهـا فـعلـه جـديـد وعـام
وبرزت للعملاق وهو يشوف =يبـي اـلهرب مـني ولا ينلام
ثم خطفته والصفوف وقوف =مستيسره حي بـدون عدام
وقد وصل ومرافقه إلى جده في شهر رمضان عام 1294هـ حيث قام بزيارة مكة والمدينة ثم غادر إلى حائل "حيث يقول في قصيدته المشهورة .......بعد علمه بأن زوجته تزوجت من فيصل الديوش ...بسبب انقطاع أخباره نحوسبع سنوات .....
يا فاطري ذبـي خرايـم طميّـة=يوم اشمخرت مثل خشم الحصاني
ذبي طميـة والفيـاض العذيـة=تنحّري بـرزان زيـن المبانـي
آصل أخو نورة لـزوم ٍ عليّـه=قبل الحبيب وقبل قاصي ودانـي
وقد استقبلة الأمير محمد بن رشيد بكل حفاوة وتكريم ‘ وانصرف من عنده محملا بالهدايا وهي ثلاث من الذلايل ‘ وريالات الفضة)) عن المستشرق شارلز.....
وذكر الرحالة جوليوس أنه قابله في حائل عام 1301هــ و يبدوا بأن الشيخ راكان كثير التردد على
حائل بعد عودته من المنفى ......وقد توفي الشيخ / راكان بن حثلين عام 1310هـ