وهي أول مملكة عربية في طفوف الفرات التي تمتد بين الفرات والجزيرة العربية وبين هيت من الشمال ونفر من الجنوب ، وأصبحت عاصمتها ( دومة ) وقد حكم في هذه العاصمة ثلاث ملوك أولهم مالك بن فهم ثم أخيه عمرو بن فهم وثالثهم جذيمة الأبرش بن مالك بن فهم .
وبعد مقتله على يد الزباء تم نقل هذه العاصمة من دومة إلى الحيرة على يد ملكها الرابع ابن أخت جذيمة عمرو بن عدي أول ملك تملك فيها .
قال الطبري عن ابن الكلبي (1):-
(( ... ونزل كثير من تنوخ الأنبار والحيرة ومابين الحيرة إلى طف الفرات وغربيه إلى ناحية الانبار وما والاها في المظال والأخبية لايسكنون بيوت المدر ولا يجامعون أهلها فيها واتصلت مساكنهم وجماعتهم فيها بين الانبار والحيرة وكانوا يسمون ( عرب الضاحية ) فكان أول ملك منهم في زمان ملوك الطوائف مالك بن فهم وكان منزله مما يلي الانبار ثم مات مالك )).
وقال المسعودي(2) :-
(( أن مالك بن فهم كان الملك قبل جذيمة أباه ، وهو أول من ملك الحيرة والله أعلم ، وكان يقال له مالك بن فهم بن دوس بن الأزد بن الغوث بن نبت بن مالك بن زيد بن كهلان بن عامر بن مزيقياء ، فسار بنو جفنه نحو الشام ، وأنفصل مالك بن فهم نحو العراق ، فملك على مضر بن نزار أثنى عشر سنة ، ثم ملك بعده أبنه جذيمة على ماذكرنا ، أما القبائل اليمانية كلها راجعة إلى قحطان فقط ، وهو قحطان بن هود (ع)) وذكر ياقوت (3) :- (( أن قحطان بن عابر )) .
العاصمة دومة :-
وهي أول عاصمة لمملكة العرب الصحراوية التي أسسها الملك العربي الأول مالك بن فهم وأقام فيها حتى وفاته واستمرت هذه العاصمة في زمن الملك العربي الثاني عمرو بن فهم أخو مالك ابن فهم حتى وفاته فيها ثم تملك الحكم ابن أخت جذيمة الابرش الذي توسع في ملكه حتى تم قتله على يد الزباء ثم أعقبه الملك الرابع ابن أخت جذيمة عمرو بن عدي ، ولكنه لم يستمر في العاصمة دومة حيث نقل مقره من دومة إلى الحيرة ، وبذلك أصبحت الحيرة ثاني عاصمة عربية على يد ملكها الأول عمرو بن عدي .
وذكر الطبري (4) ضمن شعر الشاعر ربيعة بن عوف السعدي قال :
حملت لها عمرا بخشونة ******** من آل دومة رسل لها معانق
ويتضح لنا من هذا البيت وهو من قصيدة طويلة ، ويهما منها ذكر العاصمة دومة ورسلها إلى بلاد الشام حيث تم إرسال جيش من خيرة الأبطال بقيادة الملك عمرو بن عدي والقيصر لأخذ ثأر جذيمة الابرش الذي قتل من قبل الزباء ، وفي هذه الحملة تم قتلها وعاد هؤلاء الفرسان إلى دومة .
وبعد انتقال التنوخيين من دومة إلى الحيرة قل شأنها وأصبحت احد القصور المحصنة المنتشرة في الضاحية وتحيطه عدة قصور منها قصر الكصير وقصر مقاتل وقصر شمعون وقصر رأس العين وقصر البرذويل .
أما الكنديين فقد استمرت هجراتهم وتوسعوا في الضاحية وأصبحت دومة أحد قصورهم ، حيث تغيير اسمها من دومة إلى دومة الجندل (5) .
أستمر أسم دومة الجندل في عهد الكنديين حتى صدر الإسلام ، حيث تحول أسم هذا القصر إلى الأخيضر نسبة إلى أخر ملوكها الكنديين وهو أكيدر بن عبد الملك الذي أسره خالد بن الوليد (رض) وذلك عام 12 هجرية (6) .