14-11-2007, 04:37 PM
|
رقم المشاركة : 1
|
|
|
|
يا بهجة المشتاق يوم لقائه *** بحبيبة كالبدر يوم تمامِ
كانت ضروف العمل هي السبب الأكبر الذي اضطرني وصاحبي (أبو شهد) للإنتقال إلى مدينة أخرى بعيداً عن ديارالأحبة ومرابع الصبا ,,
كان صاحبي رقيق الحاشية جم العاطفة ,, يرفرف الحب في قلبه فكلما تذكر نزوحه عن دار الأحبة أحس بقلبه
يطير بين جناحي طائر أغريقي كالذي صورته أسطورة بروميثيوس سارق النار المقدسة في الثقافة الجمعية للعقل الأروبي ..
يتذوق الشعر ويطرب لسماعه ,, وكان إذا ما حن إلى زوجته يأتي إليّ ويقول لي اسمعني يارعاك الله ما يطرب الفؤاد ويجلو الهم وينفض غبار البعد عن شغاف القلب الذي شفّه الوجد إلى الأحبة
كان يحب زوجته كثيراً ,,
أذكر أنه إذا حدث بينهما اتصال هاتفي ,, أو وفد عليّهِ منها رسالة ,, يكاد قلبه يفر من بين أضلعه ..
وكنت أعرف ذلك في وجه ,, يأتي شامخاً بأنفه ..مُبرزاً صدره فاغراً فاه وماطاً شدقيه من الضحك ,, كان لا يمكن أن تفارق الإبتسامة محياه ..
وأتى اليوم الذي وجد فيه متسعاً للسفر إلى زوجته ,,
واستعد للرحيل .. وهو يشمت بي ويسخرمني .. ويضحك ضحكته المعتادة : هع هع هع ,,
وينشد ساخراً مني :
إنا إلى الله من دنيا منغصة ** أيامها مستردات لما وهبت
رحل صاحبي إلى حبيبته ,, وبقيت وحدي في شقتنا .. أفت في عضد الأيام وتفت في عضدي ,,
في اليوم الثاني من رحيل صاحبي ,, تذكرته فأرسلت له هذه الأبيات وأنا أقهقه ماذا عسى أن يكون وقعها عليه ..
يابهجةَ المشتاقِ يومَ لقائهِ=بحبيبةٍ كالبدرِ يومَ تـمامِ
تجلو عن القلبِ المكبَّلِ لوعةً=تدنو إليه فيصطلي بـغرامِ
ويطوفُ منها في الخيالِ مباهجٌ=وردية الإلهامِ والأنـسامِ
وإذا رنوتَ لشهدها ألفيتَهُ=شهداً يرِّفُ بثغرِهَا البسامِ
ياكيف يصفر الجمال ويغتدي=وجه الخريف كنضرة الأكمام
وإذا سألت فها أنا ياصاحبي=شبح تحدر من ذرى الآلامِ
وتمورُ أمواجُ الأسى بدواخلٍ=ألِفَتْ من الدُنيا هديرَ حطامِ
وكذا خطايَ على الأسى مُختالةٌ=لكأنَّما تختالُ في الإنـعامِ
سيان عندي بهجتي وندامتي=فلقد غدوت فريسة الأوهام
وتندُّ من عيّنيَّ نظرةَ مولعٍ=شربَ الأسى كأساً تَشِي بحمامِ
ما بين أنيابِ التشردِّ أرتمي=والوجهُ يَحِكي قسوةَ الأيامِ
ومضيتُ متئداً وأشواقي لظى=أُزجِي الخُطى لموارِدِ التِهيَامِ
وبقيتُ لا ألوي بغيرِ مرارةٍ=وتنهُّدٍ ينسابُ في الأنغَامِ
الليل يفرش ظِلَّهُ وشكايتي=أني بقفرٍ مجدبٍ مترامي
يُسقِيكَ من خمرِ الحياةِ سُلافةً=عَبِقَت تفوحُ بأخبث الأسقامِ
ماكنت أحسبني إذا جنَّ الدجى=أشتاق فجراً مُترعاً بظلامِ
أسفي عليَّ وقد تهادى مُسرعاً=عمري الجميلُ كطيبِ الأنسامِ
ياراحلاً بأرِيجِهِ أتركتَني=بين الأسَى أُغتالُ بالأحلامِ
ماكان حقاً أن تراني مفرداً=فتريقَ دمعي ساعةَ الإحجامِ
لو كنتَ تبصِرُني لبُحتَ بأدمعٍ=حرَّى تُحيلُ سنا الصِبَا لظلامِ
أتركتَنِي في شقةٍ مسكونةٍ=بضجيجِ أوهامٍ ولحنِ قَتَامِ
عرِّج عليَّ فمَا صباحيَ مُشرِقٌ=أبداً.. ولا ليلِي يطيقُ منامِي
إعتضتُ عنكُم بالكتابِ وليتني= ما اعتضتُ عنكُم تِرحَةً بكلامِ
حتَّامَ ياقلبي الجريح تأوهاً=أوما يُفيدُكَ تركُني بسلامِ
يارُبَّ ليلٍ مظلمٍ لك في عَوَا=قِبِهِ تَرنَّمُ صُبحِهِ بوئامِ
لم ألبث قليلاً حتى اتصل بي يقهقه بضحكته المعهودة : هع هع هع ..ويقول :
أما والله يا أشعث لو كان لي من الأمر شيئاً لأرسلت لك مع الأثير قليلاً مما أنا فيه من هناء .. ولكن (هع هع هع ) .. عليك بالكتب
واللهَ اللهَ في ضجيجِ الأوهام ,, فإنكَ بها أليقُ .. وإنها بكَ أجدرُ .. ثم ودعني وهو يضحك وينشد بيته المعتاد :
إنا إلى الله من دنيا منغصة ** أيامها مستردات لما وهبت
|
|
|