[الطائر المهاجر]

تقول الحكمة : العقل السليم في الجسم السليم ...
لكن منظمة الصحة العالمية ومن خلال نتائج العديد من الأبحاث والدراسات ، أكدت أن الجسم السليم في العقل
السليم ايضاً ، وجاءت توصياتها للمهتمين بصحة الإنسان ، بأن ينظروا إليه ككل متكامل جسداً وعقلاً وروحا ،
ولا يمكن الفصل بينها . . ومن خلال بعض الدراسات التي اجريت في المجتمع السعودي على مراجعي مراكز الرعاية الأولية تبين أن حوالي 40% من المراجعين ترجع امراضهم إلى عوامل نفسية (دراسة د.عبدالرزاق الحمد) ، وفي الولايات المتحدة تبين أن 30% من مراجعي الأطباء العموم أيضا تعود امراضهم إلى مسببات نفسية . هذه الأمراض هي ما تعارفت نظم التشخيص على تسميتها بالإضطرابات السيكوسوماتيه ، اي العضوية ذات المنشأ النفسي . من ذلك كله يتبين حاجتنا لإدراك العلاقة المتبادلة بين الجسم والنفس ، فكلما تمتعت بصحة نفسية جيدة ،
رأينا أن جهاز المناعة لديك يقوى ، والعكس بالعكس . فما معنى أن تتمتع بصحة نفسية جيدة ؟
ببساطة أن تكون قادرا على التغلب على ما يواجهك من صعوبات في الحياة ، وأن تتكيف معها ، فلا تؤثر على
عليك ، من خلال القدرة على اتخاذ القرار الصائب في الوقت المناسب . وبالطبع لن يتأتى لك ذلك بدون أن تدرك
ذاتك الحقيقية ، تعرف قدراتك وتدرك حدود طموحاتك ، فكلما زادت طموحاتك عن قدراتك كلما اصبحت عرضة للإحباط ، والإحباط إما أن يأخذك للإكتئاب أو يجعل منك شخصاً عدوانيا ، فإن اصبت بالإكتئاب فقدت الشهية
وقل نومك ، وكثرة هواجيسك ، واصبحت نظرتك للحياة سوداوية ، وإن اصبحت عدوانيا ، نفر منك الآخرون ،
وقد تجد نفسك تبحث عن مجموعة تشاركك هذا التوجه ، لكنها غير مستقرة نفسيا ، وقد تدخل في متاهات
الإنحراف والخروج على القانون .
وحتى نكتسب صحة نفسية جيدة علينا أن نعرف ماذا نريد من الحياة ، خاصة وأننا في عصر طغت فيه المادة ،
ولم يعد للقيم الروحية تأثيرها على الإنسان . وحتى نعرف ماذا نريد من الحياة علينا اكتساب ثقافة ووعي أكبر
لندرك ان هذه الحياة ، مرحلة عابرة ومؤقتة ، لاتستحق منا أن نعطيها أكبر من حجمها ، نأخذ منها ما قدر الله لنا
ونتوقف عن طموحات قد لاتكون في مقدورنا ، لأن اصرارنا على بلوغها ، دون توفر الوسيلة لدينا لبلوغها ،
معناه تعرضنا لمزيد من الضغوط النفسية والتوتر ، والتي بدورها ، ستحرمنا من الوصول إلى أهدافنا وطموحاتنا
التي يمكننا الوصول إليها ..

يتبع....