عرض مشاركة واحدة
قديم 01-07-2010, 09:10 AM   رقم المشاركة : 1
صعبة المنال
سفيرة الفكر/عضو شرف
 الصورة الرمزية صعبة المنال






معلومات إضافية
  النقاط : 10
  الحالة :صعبة المنال غير متواجد حالياً

 

افتراضي يُحكَى أن.. النصيحة بجمل




اتمنى تعجبكم هالقصه ...


يُحكَى أن أحدهم ضاقت به سبل العيش ،
فسئم الحياة وقرر أن يهيم على وجهه في بلاد الله الواسعة ،
فترك بيته وأهله وغادر المنطقة متجهاً نحو الشرق ،
وسار طويلاً حتى وصل بعد جهدٍ كبير ومشقةٍ عظيمة
إلى منطقة شرقيّ الجزيرة ،
وقادته الخطى إلى بيت أحد الأجواد الذي رحّب به وأكرم وفادته ،
وبعد انقضاء أيام الضيافة سأله عن غايته ، فأخبره بها ،
فقال له المضيف : ما رأيك أن تعمل عندي على أن أعطيك ما يرضيك ،
ولما كان صاحبنا بحاجة إلى مكان يأوي إليـه ،
وإلى عملٍ يعمل فيه اتفق معه على ذلك .


وعمل الرجل عند مضيفه
أحياناً يرعى الإبل
وأحياناً أخرى يعمل في مضافته يعدّ القهوة ويقدمها للضيوف ،
ودام على ذلك الحال عدة سنوات
كان الشيخ يكافئه خلالها ببعض الإبل والماشية .


ومضت عدة سنوات اشتاق فيها الرجل لبيته وعائلته
وتاقت نفسُه إلى بلاده وإلى رؤية أهله وأبنائه ،
فأخبر صاحب البيت عن نيته في العودة إلى بلده ،
فعزّ عليه فراقه لصدقه وأمانته ،
وأعطاه الكثير من المواشي وبعض الإبل وودّعه
وتمنى له أن يصل إلى أهله وهو بخير وسلامة .


وسار الرجل ما شاء الله له أن يسير ،
وبعد أن قطع مسافة طويلة في الصحراء القاحلة
رأى شيخاً جالساً على قارعة الطريق ،
ليس عنده شيء سوى خيمة منصوبة بجانب الطريق ،
وعندما وصل إليه حيّاه وسأله
ماذا يعمل لوحده في هذا المكان الخالي
وتحت حرّ الشمس وهجير الصحراء ،
فقال له : أنا أعمل في التجارة .


فعجب الرجل وقال له :
وما هي تجارتك يا هذا ، وأين بضاعتك ؟


فقال له الشيخ : أنا أبيع نصائح .


فقال الرجل : تبيع نصائح ، وبكم النصيحة ؟!


فقال الشيخ : كلّ نصيحة ببعير .


فأطرق الرجل مفكراً في النصيحة وفي ثمنها الباهظ
الذي عمل طويلاً من أجل الحصول عليه ،
ولكنه في النهاية قرر أن يشتري نصيحة مهما كلفه الأمر
فقال له : هات لي نصيحة ، وسأعطيك بعيراً ؟


فقال له الشيخ :" إذا طلع سهيل لا تأمَن للسيل " .


ففكر الرجل في هذه النصيحة وقال :
ما لي ولسهيل في هذه الصحراء الموحشة ،
وماذا تنفعني هذه النصيحة في هذا الوقت بالذات .


وعندما وجد أنها لا تنفعه
قال للشيخ : هات لي نصيحة أخرى وسأعطيك بعيراً آخر .


فقال له الشيخ : " أبو عيون بُرْق وأسنان فُرْق لا تأمن له " .


وتأمل صاحبنا هذه النصيحة أيضاً
وأدارها في فكره ولم يجد بها أي فائدة ،
فقال والله لأغامرنّ حتى النهاية
حتى لو ضاع تعبي كلّه في دقائق معدودة ،
فقال للشيخ : هات النصيحة الثالثة وسأعطيك بعيراً آخر .


فقال له : " نام على النَّدَم ولا تنام على الدم " .


ولم تكن النصيحة الثالثة بأفضل من سابقتيها ،
فترك الرجل ذلك الشيخ
وساق ما معه من مواشٍ وسار في طريقه ،
وظل يسير لعدة أيام نسي خلالها النصائح من كثرة التعب وشدّة الحر ،
وفي أحد الأيام أدركه المساء فوصل إلى قوم من العربان
قد نصبوا خيامهم ومضاربهم في قاع وادٍ كبير ،
فتعشّى عند أحدهم وباتَ عنده ،
وفي الليل وبينما كان ساهراً يتأمل النجوم طلع نجم سُهيل ،
وعندما رآه الرجل تذكّر النصيحة التي قالها له الشيخ ففرّ مذعوراً ،
وأيقظَ صاحب البيت وأخبره بقصة النصيحة ،
وطلب منه أن يخبر قومه حتى يخرجوا من قاع ذلك الوادي ،
ولكن المضيف سخر منه ومن قلّة عقله ولم يكترث له ولم يأبه لكلامه ،
فقال والله لقد اشتريت النصيحة ببعير ولن أنام في قاع هذا الوادي ،
فقرر أن يبيت على مكان مرتفع ، فأخذ جاعِدَهُ
ونام على مكان مرتفع بجانب الوادي .


وفي أواخر الليل جاء السيل يهدر كالرعد
فأخذ البيوت والعربان ، ولم يُبقِ سوى بعض المواشي .
وساق الرجل ما تبقى من المواشي وأضافها إلى مواشيه ،
وأنعق لها فتبعته وسار في طريقه عدة أيام أخر
حتى وصل في أحد الأيام إلى بيت في الصحراء ،
فرحب به صاحب البيت وكان رجلاً نحيفاً خفيف الحركة ،
وأخذ يزيد في الترحيب به والتذبذب إليه حتى أوجس منه خيفة ،
فنظر إليه وإذا به " ذو عيون بُرْق وأسنان فُرْق "
فقال : آه هذا الذي أوصاني عنه الشيخ ،
إن به نفس المواصفات لا ينقص منها شيء .


وفي الليل
تظاهر الرجل بأنه يريد أن يبيت خارج البيت
قريباً من مواشيه وأغنامـه ، وأخذ فراشه وجَرَّه في ناحية ،
ولكنه وضع حجارة تحت اللحاف ،
وانتحى مكاناً غير بعيد يراقب منه حركات مضيفه ،
وبعد أن أيقن المضيف أن ضيفه قد نام ،
خاصة بعد أن لم يرَ حراكاً له ،
أخذ يقترب منه على رؤوس أصابعه حتى وصله
ولما لم يسمع منه أية حركة تأكد له أنه نائم بالفعل ،
فعاد وأخذ سيفه وتقدم منه ببطء
ثم هوى عليه بسيفه بضربه شديدة ،
ولكن الضيف كان يقف وراءه
فقال له : لقد اشتريت والله النصيحة ببعير
ثم ضربه بسيفه فقتلـه ،
وساق ماشيته وغاب في أعماق الصحراء .


وبعد مسيرة عدة أيام
وصل في ساعات الليل إلى منطقة أهله ،
فوجد مضارب قومه على حالها ،
فترك ماشيته خارج الحيّ ،
وسار ناحية بيته ورفع الرواق
ودخل البيت فوجد زوجته نائمة
وبجانبها شاب طويل الشعر ،
فاغتاظ لذلك ووضع يده على حسامه
وأراد أن يهوى به على رؤوس الأثنين ،
وفجأة تذكر النصيحة الثالثة التي تقول " نام على الندم ولا تنام على الدم " ،
فبردت أعصابه وهدأ قليلاً فتركهم على حالهم ،
وخرج من البيت وعاد إلى أغنامه ونام عندها حتى الصباح ،
وبعد شروق الشمس ساق أغنامه واقترب من البيت
فعرفه الناس ورحبوا به ، واستقبله أهل بيته
وقالوا : والله من زمان يا رجل ، لقد تركتنا منذ فترة طويلة ،
انظر كيف كبر خلالها ابنك حتى أصبح رجلاً ،
ونظر الرجل إلى ابنه
وإذا به ذلك الشاب الذي كان ينام بالأمس بجانب زوجته
فحمد الله على سلامتهم ، وشكر ربه أن هداه إلى عدم قتلهم
وقال بينه وبين نفسه : والله إن كل نصيحة أحسن من بعير







توقيع صعبة المنال
 
  رد مع اقتباس